للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - ما في صحيح مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر قال «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط ولا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه (١)» إلى آخر الحديث.

٣ - ما روى الشافعي بإسناده إلى أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة (٢)».

٤ - ما في سنن أبي داود بإسناده إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا قسمت الأرض وحدت فلا شفعة فيها (٣)».

٥ - ما في الموطأ بإسناده إلى أبي هريرة - رضي الله عنه قال «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم فإذا صرفت الطرق ووقعت الحدود فلا شفعة (٤)».

٦ - ما ذكره سعيد بن منصور بإسناده إلى عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - قال: إذا صرفت الحدود وعرف الناس حدودهم فلا شفعة بينهم.

فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن الشفعة مشروعة فيما هو مشاع غير مقسوم، ولأن الضرر اللاحق بالشركة هو ما توجبه من التزاحم في المرافق والحقوق والأحداث والتغيير والإفضاء إلى التقاسم الموجب لنقص قيمة الملك بالقسمة. أما إذا قسمت الأرض فوقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة حينئذ لانتفاء الضرر بذلك. ووجه القائلون بذلك القول حصر الشفعة للشريك دون غيره، وأجابوا عن الأحاديث الواردة بالشفعة للجار فقال ابن القيم رحمه الله:

قالوا: وقد فرق الله بين الشريك والجار شرعا وقدرا ففي الشركة حقوق لا توجد في الجوار فإن الملك في الشركة مختلط وفي الجوار متميز ولكل من الشريكين على صاحبه مطالبة شرعية ومنع شرعي أما المطالبة ففي القسمة وأما المنع فمن التصرف، فلما كانت الشركة محلا للطلب ومحلا للمنع كانت محلا للاستحقاق بخلاف الجوار فلم يجز إلحاق الجار بالشريك وبينهما هذا الاختلاف، والمعنى الذي وجبت به الشفعة رفع مؤونة المقاسمة وهي مؤونة كثيرة، والشريك لما باع حصته من غير شريكه فهذا الدخيل قد عرضه لمؤونة عظيمة فمكنه الشارع من التخلص منها بانتزاع الشقص على وجه لا يضر بالبائع ولا بالمشتري، ولم يمكنه الشارع من الانتزاع قبل البيع لأن شريكه مثله ومساو له في الدرجة فلا يستحق عليه شيئا إلا ولصاحبه مثل ذلك الحق عليه فإذا باع صار المشتري دخيلا والشريك أصيل فرجح جانبه وثبت له الاستحقاق، قالوا: وكما أن الشارع يقصد رفع الضرر عن الجار فهو أيضا رفع الضرر عن المشتري ولا يزيل ضرر الجار بإدخال الضرر على المشتري فإنه محتاج إلى دار يسكنها هو وعياله، فإذا سلط الجار على إخراجه وانتزع داره منه أضرارا بينا. وأي دار اشتراها وله جار فحاله معه هكذا وتطلبه دارا لا جوار لها كالمتعذر عليه أو كالمتعسر فكان من تمام حكمة الشارع أن أسقط الشفعة بوقوع الحدود وتصريف الطرق لئلا يضر


(١) صحيح البخاري الشركة (٢٤٩٥)، صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٨)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٧٠)، سنن النسائي البيوع (٤٧٠١)، سنن أبو داود البيوع (٣٥١٣)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٦٢٨).
(٢) سنن النسائي البيوع (٤٧٠٤)، سنن أبو داود البيوع (٣٥١٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٩٦)، موطأ مالك الشفعة (١٤٢٠).
(٣) سنن أبو داود البيوع (٣٥١٥)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٧).
(٤) سنن أبو داود البيوع (٣٥١٥)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٧).