للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الرابع: أنها تنعقد بثلاثة، اثنان يستمعان وواحد يخطب، وهو قول الأوزاعي. قاله في الشرح (١).

قلت: وهو رواية عن أحمد، اختاره الشيخ تقي الدين بن تيمية - رحمه الله تعالى - (٢)، وهذا القول أقوى من كل ما قبله، واحتجوا بقوله تعالى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٣) قالوا: وهذا صيغة جمع، وأقل الجمع ثلاثة.

وبقوله - صلى الله عليه وسلم - «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم (٤)».

فأمر (٥) - صلى الله عليه وسلم - بالإمامة، وهو عام في إمامة الصلوات (٦) كلها: الجمعة والجماعة.

ولأن الأصل وجوب الجمعة على الجماعة المقيمين، وهؤلاء جماعة تجب عليهم الجمعة (٧) ولا دليل على إسقاطها عنهم أصلا.

القول الخامس: أنها تنعقد باثني عشر رجلا، وهو قول ربيعة ومالك المشهور عنهما (٨)؛ لما «روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى مصعب بالمدينة، فأمره أن يصلي عند الزوال ركعتين وأن يخطب فيهما، فجمع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة باثني عشر رجلا (٩)».

وعن جابر بن عبد الله، قال: «بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبلت عير تحمل طعاما، فالتفتوا إليها حتى ما بقى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلا فنزلت هذه الآية: (١١)»


(١) ابن أبي عمر، الشرح الكبير ١/ ٤٦٩.
(٢) الاختيارات للبعلي ١٤٥.
(٣) سورة الجمعة الآية ٩
(٤) أخرجه مسلم في الصحيح رقم ٦٧٢، وأحمد في المسند ٣/ ٢٤، ٤٨، من حديث أبي سعيد الخدري.
(٥) (ط): فأمرهم.
(٦) (ط) الصلاة
(٧) (ط): الجمعة ساقطة.
(٨) ينظر الخرشي على مختصر خليل ٢/ ٧٦.
(٩) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣/ ١١٨.
(١٠) البخاري في الصحيح رقم ٩٣٦، ٢٠٥٨، ٢٠٦٤، ٤٨٩٩، ومسلم والصحيح رقم ٨٦٣، وأخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٧٠.
(١١) سورة الجمعة الآية ١١ (١٠) {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}