للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول (١) السادس: أنه إذا كان واحد مع الإمام صليا الجمعة. وبه قال إبراهيم النخعي، والحسن بن صالح أصح بن حي (٢)، وداود، وأهل الظاهر (٣).

وحجة أهل هذا القول: أن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (٤).

فأمر الله المؤمنين عموما بالسعي إلى الجمعة بلفظ صالح للعموم، كما أمرهم بطاعته وطاعة رسوله، بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (٥).

[٥ / أ]

فالأمر بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها (٦) عام، كما أن الأمر بطاعة الله ورسوله عام؛ إذ هما في اللفظ واحد. فلا يجوز أن يخرج (٧) عن هذا الأمر، وعن هذا الحكم أحد إلا من جاء بنص جلي، أو إجماع متيقن على خروجه عنه، وليس ذلك إلا للفذ (٨) وحده.

قالوا: ولأنه قد ثبت بالإجماع أنه لا بد الجمعة من عدد، فكان اثنين، لحديث مالك بن الحويرث - الذي في الصحيح - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما (٩)».

فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للاثنين حكم الجماعة في الصلاة، في الصلاة، فكذلك الجمعة.

قالوا: ولحديث طارق بن شهاب، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة (١٠)» الحديث.


(١) (ط): والقول.
(٢) ابن شفي، الهمداني الثوري، ثقة فقيه عابد، رمي بالتشيع، ت ١٦٩، تقريب ١٦١.
(٣) ابن حزم، المحلى بالآثار ٥/ ٦٩.
(٤) سورة الجمعة الآية ٩
(٥) سورة النساء الآية ٥٩
(٦) (ط): إليها.
(٧) الأصل: تخرج.
(٨) أي: المنفرد.
(٩) أخرجه البخاري في الصحيح رقم ٦٣٠، ٦٥٨، ومسلم في الصحيح رقم ٦٧٤، والنسائي في المجتبى ٢/ ٩، ٢١، ٧٧، وابن ماجه في السنن رقم ٩٦٦، وأحمد في المسند ٣/ ٤٣٦، ٥/ ٥٣.
(١٠) تقدم تخريجه.