للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: قوله: ولم يثبت صلاته صلى الله عليه وسلم لها بأقل من أربعين، إن أراد أنه لم يثبت صريحا أنه صلاها كاملة بدون الأربعين فهو كذلك.

وإن أراد أنه لم يثبت أنه صلاها بدون الأربعين - سواء كان نصا أو ظاهرا أو بعضها أو كلها (١) - فهذا يرده ما تقدم في حديث جابر، أخرجه البخاري: «بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبلت عير تحمل طعاما فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلا (٢)» الحديث.

وفي لفظ أبي نعيم في المستخرج: بينما نحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة. قال الحافظ ابن حجر: وهو ظاهر في أن انفضاضهم وقع بعد دخولهم في الصلاة (٣).

ومن وجه آخر: أن الذين اشترطوا الأربعين، يقولون: إن العدد المشترط في الابتداء مشترط في الدوام، فإذا كان كذلك - وهم قد انفضوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة - سواء صلاها بمن بقي - كما فهم البخاري - أو عادوا فأتم بهم الصلاة أو كان انفضاضهم وقع في الخطبة، أيما كان فإنه يلزم على أصلهم هذا جوازها بدون الأربعين وإلا انتقض أصلهم.

والاحتمالات التي ذكروها في الجواب عن هذا الحديث كلها باطلة، وإنما هي رجم بالغيب.

الخامس: قول هذا الموجه: أن هذه أول جمعة كانت في الإسلام. ظن وتخمين، فقد ورد أن مصعب بن عمير صلاها باثني عشر، كما سيأتي إن شاء الله في المعارضة.

ولا منافاة بين قول كعب أن أسعد بن زرارة أول من جمع بهم (٤) - وبين


(١) (ط): أو بعضها أو كلها.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ابن حجر، فتح الباري ٢/ ٤٢٣.
(٤) ما بينهما معلق في هامش الأصل، وعليه كلمة صح.