للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حبس ولا للمحبس عليه أخذ بالشفعة إلا أن يأخذ المحبس فيجعله في مثل ما جعل نصيبه الأول. انتهى. وهذا إذا لم يكن مرجعها له وإلا فله الأخذ ولو لم يحبس، كأن يوقف على عشرة مدة حياتهم أو يوقف مدة معينة فله الأخذ مطلقا، كسلطان له الأخذ بالشفعة لبيت المال، قال سحنون في المرتد: يقتل وقد وجبت له شفعة أن للسلطان أن يأخذها إن شاء لبيت المال. أهـ (١).

وذهب الشافعية إلى أن الوقف إن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين ونحو ذلك فلا شفعة به وإن كان خاصا فلا شفعة لواقفه لزوال ملكه عنه، وقد اختلف علماء الشافعية في ثبوت الموقوف عليه العين لاختلاف ما نقل عن الشافعي - رحمه الله - هل يملك الموقوف عليه رقبة الوقف أم لا؟

قال في المجموع:

وأما إذا كانت حصة الخليط وقفا لنظر في الوقف فإن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين أو كان خاصا لا يملك كالوقف على جامع فلا يستحق به شفعة في المبيع، وإن كان خاصا على مالك الوقف على رجل بعينه أو على جماعة بأعيانهم فلا يملك به الواقف شفعة لزوال ملكه من الوقف، فأما الموقف عليه فقد اختلف عليه قول الشافعي هل يكون مالكا لرقبة الوقف أم لا؟ على قولين، أحدهما: يستحق به الشفعة لثبوت ملكه واستضراره بسوء المشاركة، والوجه الثاني: لا شفعة له لأنه ليس بتام الملك ولا مطلق التصرف أهـ (٢).

وذهب جمهور الحنابلة إلى القول بنفي الشفعة عن الخلطة بالوقف لأن من شروط الأخذ بالشفعة أن يكون الشفيع مالكا لما يشفع به والوقف لا يعتبر ملكا تماما لمن هو بيده سواء كان ناظرا أو موقوفا عليه لأنه ليس مطلق التصرف فيه.

قال ابن قدامة - رحمه الله -:

ولا شفعة لشركة الوقف. ذكر القاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى وهو ظاهر مذهب الشافعي لأنه لا يأخذ بالشفعة فلا تجب فيه كالمجاور وغير المنقسم، ولأننا إن قلنا هو غير مملوك فالموقوف عليه غير مالك وإن قلنا هو مملوك فملكه غير تام لأنه لا يفيد إباحة التصرف في الرقبة فلا يملك به ملكا تاما. وقال أبو الخطاب إن قلنا هو مملوك وجبت به الشفعة لأنه مملوك بيع في شركة شقص فوجبت الشفعة كالطلق ولأن الضرر يندفع عنه بالشفعة كالطلق فوجبت فيه كوجوبها في الطلق. وإنما لم يستحق بالشفعة لأن الأخذ بها بيع وهو ما لا يجوز بيعه. أهـ (٣).

وللشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - رأي في ثبوت الشفعة به فقد قال ما نصه:


(١) الشرح الكبير ومعه حاشية الدسوقي في جـ ٣ ص ٤٢٥.
(٢) المجموع جـ ١٤ ص ١٤١.
(٣) المغني جـ ٥ ص ٢٨٤.