للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو باع الشريك الذي ملكه طلق فلشريكه الذي نصيبه وقف الشفعة لعموم الحديث المذكور ووجود لمعنى. بل صاحب الوقف إذا لم يثبت له شفعة يكون أعظم ضررا من صاحب الطلق لتمكن المالك من البيع بخلاف مستحق الوقف فإنه يضطر إلى بقاء الشركة. وأما استدلال الأصحاب بقولهم: إن ملكه ناقص فالحديث لم يفرق بين الذي ملكه ناقص أو كامل. ومنعنا إياه من البيع لتعلق حقوق من بعده به. فالصواب إثبات الشفعة إذا باع الشريك سواء كان شريكه صاحب ملك طلق أو مستحقا للوقف. أهـ (١).

وقال المنقور نقلا عن جمع الجوامع:

للوقف ثلاث صور، الأولى: إذا كان البعض وقفا والبعض ملكا فبيع الملك هل يأخذ رب الوقف بالشفعة؟ على وجهين. والثانية: إذا كان كذلك وبيع الوقف حيث جاز بيعه هل يأخذ الشريك بالملك؟ على وجهين. المختار نعم. الثالثة: إذا كان الكل وقفا وبيع البعض حيث جاز بيعه فهل يجوز لرب الوقف الآخر الأخذ بها؟ على وجهين، الصحيح لا يجوز. اهـ (٢).

ولعل مصدر الاختلاف في ذلك الخلاف، هل لجهات الوقف شخصية اعتبارية تكون أهلا للإلزام والالتزام كالحال في جماعة المسلمين حيث يتكافؤون ويسعى بذمتهم أدناهم فيكون الوقف ملكا لهم، فإذا تصرف بعضهم أو النائب عنهم وهو الناظر تصرفا فيه مصلحة للوقف وغبطة لجهاته كان كتصرفهم جميعا، أم أن الوقف لا مالك له في الحقيقة وأن الشخصية الاعتبارية وهم وخيال لا مجال لها في واقع الأمر وحقيقته؟


(١) الفتاوى السعدية ص ٤٣٨.
(٢) الفواكه العديدة في المسائل المفيدة جـ ١ ص ٣٩٧.