للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} (١) - إلى أن قال - وأيضا فلو كانوا مالكين حقيقة، لما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخراجهم من جزيرة العرب وقال: «لئن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب (٢)» هذا مع بقائهم على عهدهم وعدم نقضهم له فلو كانوا مالكين لدورهم حقيقة لما أخرجهم منها ولم ينقضوا عهدا، ولهذا احتج الإمام أحمد بذلك على أنه لا شفعة لهم على مسلم - إلى أن قال - وليس مع الموجبين للشفعة نص من كتاب الله ولا من سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم ولا إجماع من الأمة، وغاية ما معهم إطلاقات وعمومات كقوله: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة فيما لم يقسم (٣)» وقوله «من كان له شريك في ربعة أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه (٤)». ونحو ذلك مما لا يعرض فيه للمستحق وإنما سبقت الأحكام الأملاك لا لعموم الأملاك (٥) من أهل الذمة وغيرهم وليس معهم قياس استوى فيه الأصل والفرع في المقتضى للحكم فإن قياس الكافر على المسلم من أفسد القياس وكذلك قياس بعضهم من تجب له الشفعة بمن تجب عليه من أفسد القياس أيضا، ثم ذكر مجموعة من الأحكام يختلف فيها المسلم عن الكافر ثم قال: وكذلك قياس بعضهم الأخذ بالشفعة على الرد بالعيب من هذا النمط فإن الرد بالعيب من باب استدراك الظلام وأخذ الجزء الفائت الذي يترك على الثمن في مقابلته، فأين ذلك من تسليطه على انتزاع ملك المسلم منه قهرا واستيلائه عليه إلى آخر ما ذكره (٦).


(١) سورة الحشر الآية ٢٠
(٢) صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٦٧)، سنن الترمذي السير (١٦٠٧)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٣٠٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٢).
(٣) سنن أبو داود البيوع (٣٥١٥)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٧).
(٤) صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٨)، سنن النسائي البيوع (٤٧٠١)، سنن أبو داود البيوع (٣٥١٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١٦)، سنن الدارمي البيوع (٢٦٢٨).
(٥) كذا في المطبوع ولعل الصواب: الملاك.
(٦) أحكام أهل الذمة جـ ١ ص ٢٩١ - ٢٩٩.