للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غلاة الفلاسفة القدماء وليس الغريب أن يؤمن الدروز بالتقمص بل الغريب العجيب أن ينفي المسلمون التقمص والقرآن الكريم يقره إنزالا. ثم استدل على التقمص بقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (١) وقوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (٢) وبما نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «ما زلت أنتقل إليكم من أصلاب المؤمنين إلى أرحام المؤمنات إلى يومنا هذا». . " إلخ لقد أقر الطالب الدرزي بأن الدروز يؤمنون بالتقمص وهو تناسخ الأرواح بمعنى انتقال الروح من حي عند موته إلى بدن آخر عند خلقه، ودائما ومن المعلوم أن الذين يؤمنون بذلك لا يؤمنون بيوم القيامة الذي صرحت به نصوص الكتاب والسنة وأجمعت عليه الأمة ولا يؤمنون بما فيه من حساب وجزاء بجنة أو بنار ويتأولون نصوص القيامة بخروج إمامهم كرجوع الحاكم في نظر الدروز وظهوره بعد اختفائه ويقولون إن الروح إذا صفت بمجانبة الهوى وبالعلم والعبادة عادت إلى وطنها الأصلي وكملت بموتها وتخلصها من أغلال البدن وقيوده وأما الأرواح أو النفوس المنكوسة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة المعصومين فإنها تعذب ببقائها في الأبدان تتناسخ فيها كلما خرجت من جسد عند موته تلقاها آخر واستدلوا على ذلك بما تقدم وبقوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} (٣).

ولا شك أن تأويلهم للقيامة بخروج إمامهم تحريف للكلم عن مواضعه وخروج بالقرآن عن معناه في لغة العرب التي بها نزل ومخالف لصريح آياته ومعارض لنصوص الأخبار المتواترة الصريحة الدالة على البعث والنشور والحساب والجزاء بجنة أو نار.


(١) سورة البقرة الآية ٢٨
(٢) سورة طه الآية ٥٥
(٣) سورة النساء الآية ٥٦