للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي الله عنه، وقد ذكر البخاري في الباب أربعة أحاديث في كل واحد منها دليل على الوفاء بإنجاز الوعد.

الأول: حديث أبي سفيان بن حرب في قصة هرقل وهو طرف من حديث صحيح مشهور، ووجه الدلالة منه في قوله: «فزعمت أنه أمركم بالصلاة والصدق والعفاف وأداء الأمانة، (١)» وقد ذكر بعد ذلك أن هذه الأمور صفة نبي والإقتداء بالأنبياء واجب ".

الثاني: حديث أبي هريرة في آية المنافق، ومحل الدليل منه قوله: «وإذا وعد أخلف (٢)» فكون إخلاف الوعد من علامات المنافق يدل على أن المسلم لا يجوز له أن يتسم بسمات المنافقين.

الثالث: حديث جابر في قصته مع أبي بكر، ووجه الدلالة منه أن أبا بكر قال: «من كان له على النبي صلى الله عليه وسلم دين أو كانت له قبله عدة (٣)». . . الحديث.

فجعل العدة كالدين، وأنجز لجابر ما وعده به النبي صلى الله عليه وسلم من المال، فدل ذلك على الوجوب.

الرابع: حديث ابن عباس في أي الأجلين قضى موسى، ووجه الدلالة منه أنه قضى أطيبهما وأكثرهما، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل، فعلى المؤمنين الاقتداء بالرسل، وأن يفعلوا إذا قالوا، وفي الاستدلال بهذه الأحاديث مناقشات من المخالفين. ومن أقوى الأدلة في الوفاء بالعهد قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٤) الصف آية (٣) لأن المقت الكبير من الله على عدم الوفاء بالقول يدل على التحريم الشديد في عدم الوفاء به، وقال ابن حجر في " الفتح " في الكلام على ترجمة الباب المذكور، وقال المهلب: إنجاز الوعد مأمور به مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض، لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به مع الغرماء اهـ.

ونقل الإجماع في ذلك مردود، فإن الخلاف مشهور لكن القائل به قليل، وقال ابن عبد البر وابن العربي أجل من قال به عمر بن عبد العزيز: انتهى محل الغرض من كلام الحافظ في الفتح.


(١) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٨١)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٦٣).
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٣٣)، صحيح مسلم الإيمان (٥٩)، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٣١)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٥٣٦).
(٣) صحيح البخاري الشهادات (٢٦٨٣).
(٤) سورة الصف الآية ٣