للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموعود في سببه يدل على صحة القول بذلك كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والقياس الصحيح وبهذا أخذ مجموعة من الصحابة والتابعين والمحققين من أهل العلم.

فمن الاستدلال بكتاب الله تعالى قوله تعالى؛ {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (١) وجه الاستدلال بها أن الله تعالى ذم قوما يقولون على سبيل الوعد ما لا يفعلون بحيث لا يلتزمون بالوفاء به فمقتهم الله بذلك فلو لم يكن الوفاء بالوعد واجبا لما استحقوا من الله هذا المقت والذم.

وقوله تعالى على لسان موسى عليه السلام مخاطبا صهره شعيبا: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} (٢). بعد أن قال لشعيب: ذلك بيني وبينك فلم يعط موسى شعيبا وعدا قاطعا وإنما جعل لنفسه الخيار ونفى عن نفسه العدوان في تخلفه عن الوفاء بالوعد غير الجازم في إتمام عشر سنوات وهذا يعني أن عدم الوفاء بالوعد الجازم عدوان من الواعد على الموعود.

وقوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (٣) وجه الاستدلال بهذه الآية أن الله تعالى عاقب من وعد الله فأخلف وعده وكذب في تعهده والعقوبة يستحقها من يتخلف عن أداء ما وجب عليه لا من له الخيار في الأداء.

وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} (٤)، فإبراهيم عليه السلام يعلم كفر أبيه ولكنه تحرج عن الحنث في الوفاء بالوعد فاستغفر لأبيه للموعدة التي وعدها إياه فلو لم يكن الوفاء بالوعد لازما لما استغفر إبراهيم عليه السلام لمشرك عدو لله.

ومن الاستدلال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن من آية المنافق إذا وعد أخلف وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم. ووجه الدلالة أن النفاق


(١) سورة الصف الآية ٣
(٢) سورة القصص الآية ٢٨
(٣) سورة التوبة الآية ٧٧
(٤) سورة التوبة الآية ١١٤