للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حساب الآخر لأن الناس متفاوتون في الإمكانات والقدرات، فمنهم من تتهيأ له الظروف فينال نصيبا وافرا من المال بسبب ما يسره الله له.

وصنف آخر قل نصيبه أو عدم لسبب آخر قد يكون مرجعه عوامل طبيعية كقلة الموارد، وقد يكون مرجعه الشخص نفسه وما جبله الله عليه من قدرة وطاقة، أو لعاهة فيه ابتلي بها ومنعته من القيام على أمور نفسه كالآخرين. ولهذا نجد أن الإسلام حافظ على الملكية الفردية وجعلها حقا من حقوق المرء ولكنه مقابل ذلك لم يترك الفئة الأخرى التي قدر لها عدم المقدرة على تحصيل المال. فجعل لتلك الفئة نصيبا مما في أيدي أصحاب الأموال لكي يحصل التوازن بين بني البشر وتظهر حكمة الله وعدله بين خلقه. فجاء ضمان هذا الحق لتلك الفئة بأسلوبين:

أحدهما: إلزامي وهو الحق المتمثل في الزكاة الواجبة على أصحاب الأموال لتلك الفئة، ولسنا بصدد الحديث عنها، الثاني: أسلوب تطوعي رغب الإسلام به وحث عليه وهو أنواع الصدقات الأخرى، والوقف نوع من أنواع الصدقات، وقد تركت الشريعة الإسلامية للمالكين سعة من أمرهم في أن يحققوا ما يرونه مناسبا من أوجه الإنفاق.

وإذا كان الدين الإسلامي لا يفرض هذا الأسلوب كما فرض الأسلوب الأول، فإنه بلا شك يحبذه ويستحسنه كما يستحسن سائر أعمال البر الأخرى.

فقد أمر الإسلام بكل ما يقوي عرى الصلة والتراحم بين المسلمين ويحقق التكافل فيما بينهم، وحض على التعاون والتكاتف في كل سبل الخير والبر والمعروف، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (١).

ودعوة الإسلام إلى التعاون فيما بين المجموعة لا يترتب عليه مردود عكسي على الترابط الخاص فيما بين الأقارب والأسر بل إن الإسلام دعا إلى مراعاة ذلك وقدمه على الترابط العام بين المسلمين قال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (٢).


(١) سورة المائدة الآية ٢
(٢) سورة الأنفال الآية ٧٥