والوقف فيه تحقيق لكلا الغرضين، التكافل العام بين المسلمين، والتكافل الخاص في نطاق الأسرة الواحدة.
ولما كان المال محببا إلى النفوس ويصعب على المرء التفريط فيه، فقد شرع الإسلام حبس عين المال، والتصدق بمنفعتها وفي هذا تحقيق لرغبة الإنسان المتمشية مع ما جبل عليه من حرص على المال، وذلك لأن عين ماله باقية في الوقف ليس لأحد التصرف فيها.
كما أن في ذلك تحقيقا لنفع الآخرين بريع هذا المال، ومراعاة لحالهم، وفيه أيضا تحقيق لحصول الأجر والثواب لصاحب ذلك المالك الموقوف (١). فاجتمع بذلك تحقيق الرغبتين وتعميم النفع للجميع.
كما أن في الوقف تحقيقا لمصالح الأمة وتوفيرا لاحتياجاتهم ودعما لتطويرها ورقيها، وذلك بما يوفره من دعم لمشروعاتها الإنمائية، وأبحاثها العلمية، وذلك أن الوقف لا يقتصر على الفقراء وحدهم وإنما يمتد نفعه ليشمل كثيرا من المجالات التي تخدم البشرية.
ومن خلال هذا العرض الموجز لتلك التصورات يمكننا أن نوضح الهدف العام للوقف، والأهداف الخاصة له، ولو أن مجالات الوقف واسعة ومتجددة يصعب الإلمام بها ووضعها تحت عبارة تشملها، ولكنني سوف أبين الأهداف التي وقفت عليها أو استنبطتها من الواقع الفعلي لما يحققه الوقف من مصالح مراعيا في ذلك الشمولية في الألفاظ ليدخل تحتها ما يستجد من مجالات خيرة وما يبتكر من وسائل للاستفادة من الوقف مستقبلا في تحقيقها.
(١) انظر أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية للكبيسي (١/ ١٣٦).