للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزوجات في الآيتين السابقتين، بحجة أن الآية الأولى تبيح التعدد شريطة العدل بين الزوجات. وتقرر الآية الثانية- كما يزعمون- أن العدل بين الزوجات مستحيل، وعلى هذا الاعتبار فإن التعدد مشروط بأمر يستحيل القيام به، وبالتالي فهو ممنوع.

ونرى هنا أن هذه الدعوى باطلة كل البطلان للأسباب التالية:

١ - أن العدل المشروط في الآية الأولى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (١) هو غير العدل الذي حكم باستحالته في الآية الثانية {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (٢) فالعدل في الآية الأولى هو العدل في الأمور المادية المحسوسة والذي يستطيع الإنسان أن يقوم به، وهو العدل في المسكن والملبس والطعام والشراب والمبيت والمعاملة. أما العدل المستحيل الذي لا يستطيعه الرجل فهو العدل المعنوي في المحبة والميل القلبي.

٢ - ليس معقولا أن يبيح الله تعدد الزوجات ثم يعلقه بشرط مستحيل لا يقدر الإنسان على فعله، ولو أراد الله سبحانه وتعالى أن يمنع التعدد لمنعه مباشرة وبلفظ واحد، وفي آية واحدة، لأن الله قادر على ذلك وعالم بأحوال عباده.

٣ - نص الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على تحريم الجمع بين الأختين فقال عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (٣) كما «نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها، أو المرأة على خالتها أو الخالة على بنت أختها (٤)».

فما هو معنى تحريم الجمع بين الأختين والجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إذا كان التعدد- أصلا- محرما؟.

٤ - ثبت من الحديث النبوي الشريف أن العرب الذين دخلوا في الإسلام


(١) سورة النساء الآية ٣
(٢) سورة النساء الآية ١٢٩
(٣) سورة النساء الآية ٢٣
(٤) سنن الترمذي، جـ٢ ص ٢٩٧.