للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويلاحظ كذلك أن الإسلام أباح للمسلم بأن يعاشر ما ملكت يمينه من الإماء دون التقيد بعدد معين، كما قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (١) ولكن الشريعة الإسلامية لا تسمي هذه المعاشرة زواجا، وإنما يطلق عليها تسريا والحكمة من التسري هي أنه يترتب على التسري بعض الالتزامات والحقوق ومنها أن ولد الأمة "ملك اليمين " الذي أنجبته من سيدها يعتبر ابنا شرعيا لذلك السيد، ويولد حرا، والأمة نفسها تصبح تبعا لذلك أم ولد. وهذا العمل قصد منه- بلا شك- تيسير عتق ملك اليمين (٢).

وقد قامت عدة حركات- مناوئة للعقيدة الإسلامية- تطالب بمنع التعدد أو تقييده، وكان من أبرزها تلك الحركة التي قامت في الديار المصرية سنة ١٣٦٥هـ / ١٩٤٥ م، ونادى القائمون بها بمنع تعدد الزوجات أو على الأقل، وضع شروط جديدة له غير الشروط التي حددتها الشريعة الإسلامية من أجل الحد من الإقبال على التعدد، ومؤدى الشروط الجديدة هو عدم إباحة تعدد الزوجات إلا بوجود مبرر قوي يخضع تقديره للقضاء، وأن على من يرغب أن يعدد أن يقدم دليلا على أن زواجه بامرأة أخرى له مبرر قوي، فإذا اقتنع القاضي بما أبداه الرجل من أسباب تدعوه للزواج على زوجته، أذن له القاضي عند ذلك بالزواج. وإذا لم يقتنع القاضي رفض طلب الرجل.

وقد حدد بعض هؤلاء الدعاة نوع المبرر المقبول الذي يسمح القضاء بموجبه بتعدد الزوجات، ويتمثل في حالتين فقط لا ثالث لهما، وهما مرض الزوجة مرضا مزمنا لا شفاء منه، وعقم الزوجة الثابت بمرور أكثر من ثلاث سنوات عليه. وفي غير هاتين الحالتين يحرم القانون على الرجل الزواج على امرأته.


(١) سورة النساء الآية ٣
(٢) صبحي الصالح: النظم الإسلامية نشأتها وتطورها، بيروت ١٩٨٢م ص ٤٧١.