للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرى أصحاب هذه الدعوى أن الزواج بواحدة هو الأصل في الإسلام، وأن التعدد هو الاستثناء، ولا يعمل بالاستثناء إلا عند الضرورة (١).

ونقول نحن هنا إن هذا الكلام غير صحيح، فالآيتان الكريمتان اللتان جاء فيهما تشريع التعدد وهما الآية (٣) والآية (١٢٩) من سورة النساء لم يظهر فيهما ما يفيد أن الزواج بواحدة هو الأصل، وأن التعدد هو الاستثناء والعكس- في نظرنا- هو الصحيح، فقد بدأت الآية الكريمة (٣) بالتعدد وهو الأصل، ثم ذكرت الزواج بواحدة، وهو الاستثناء والأصل دائما يقدم على الاستثناء.

كذلك لم تشترط آيتا التعدد أن تكون الزوجة مريضة، أو عقيما لكي يتسنى للرجل الزواج عليها. هذا بالإضافة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من أصحابه بعد نزول آيتي التعدد أن يفارقوا ما زاد على الأربع زوجات، ولم يقل لهم آنذاك أن بقاء أكثر من زوجة لدى الرجل مشروط بكون زوجته مريضة مرضا مستعصيا أو بكونها عقيما. وكان الوقت آنذاك وقت تشريع.

ويرى الشيخ محمد أبو زهرة أن تقييد تعدد الزوجات بدعة دينية ضالة لم تقع في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عصر الصحابة، ولا في عصر التابعين (٢).

وإذا كان نظام تعدد الزوجات يفرض على الزوجة الأولى لظرف من الظروف زوجة أخرى، فإنه لا يحرمها من أن تكون سيدة منزلها والمتصرفة في شئونه، فالإسلام يجعل لكل امرأة متزوجة الحق في أن تكون لها دار مستقلة، ولا يجعل لإحدى الزوجات سيطرة على الزوجات الأخريات.

ويرى بعض الفقهاء أن للمرأة الحق في أن تشترط وقت زواجها أن لا يتزوج زوجها عليها، فإذا تم الزواج، ولم يلتزم الزوج فيما بعد بهذا الشرط كان للمرأة الحق في طلب الطلاق، كما يظهر في النص الفقهي التالي: " وإن


(١) العطار: تعدد الزوجات بيروت ١٣٩٦ هـ ص ٢٧٩ - ٢٨٦.
(٢) محمد أبو زهرة: تنظيم الإسلام للمجتمع، القاهرة ١٣٨٥هـ ص ٧٧ - ٧٩.