للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل، فادع الله أن يسقينا، فدعا، فمطرنا، فما كدنا أن نصل إلى منازلنا، فما زلنا نمطر إلى الجمعة الأخرى، قال: فقام ذلك الرجل- أو غيره- فقال: يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبل، فادع الله أن يصرفه عنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم حوالينا ولا علينا " قال: فلقد رأيت السحاب يتقطع يمينا وشمالا، يمطرون ولا يمطر أهل المدينة (١)»

وجه الاستدلال بالحديث: أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد لتجدد نعمة المطر أولا، ولا لدفع نقمته آخرا (٢)، فدل ذلك على أن السجود عند تجدد النعم أو اندفاع النقم غير مستحب، إذ لو كان مستحبا ما تركه صلى الله عليه وسلم (٣).

وأجيب عن الاستدلال بهذا الحديث بأن ترك السجود في بعض المواضع لا يدل على أن السجود للشكر غير مستحب، فإن المستحب يفعل تارة ويترك أخرى، وقد يترك صلى الله عليه وسلم فعل المستحب في بعض الأحيان بيانا لعدم وجوبه، ويمكن أن يجاب عن ذلك أيضا بأنه صلى الله عليه وسلم ترك السجود حينئذ لأن فيه مشقة، لأنه كان على المنبر (٤).

الدليل الثاني: قالوا: إن البشارات كانت تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده، ولم ينقل عن أحد منهم أنه سجد سجدة الشكر، ولو كانوا فعلوا ذلك لنقل إلينا نقلا متظاهرا، لحاجة العامة إلى جوازه، وكونه قربة، ولو كان مستحبا لم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه.


(١) صحيح البخاري الأحاديث (١٠١٣ - ١٠١٩)،: صحيح مسلم ٥/ ١٩١ - ١٩٥.
(٢) المجموع ٤/ ٧٠.
(٣) المغني ٢/ ٣٧٢.
(٤) المغني ٢/ ٣٧٢، المجموع ٤/ ٧٠.