للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التلاوة وسجود الشكر صلاة، لأنه لم يرد في الشرع تسميته صلاة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن له اصطفافا ولا تقدم إمام كما سن ذلك في سائر الصلوات، ولا يسلم أيضا بأن السجود المجرد له تحريم لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك لا يسلم بأن له تحليل، لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف (١).

وكون السجود جزءا من الصلاة لا يدل على أنه صلاة، لأن التكبير والتسبيح وغيرهما مما يفعل في الصلاة من أجزاء الصلاة، ولم يقل أحد بأنه يشترط لها شروط الصلاة من الطهارة وغيرها (٢).

الدليل الثاني: أنه سجود يفعل على وجه القربة، فشرط فيه الطهارة، قياسا على سجود التلاوة (٣).

ويمكن أن يجاب عن هذا الدليل بأن يقال: إن القول باشتراط الطهارة في الأصل المقيس عليه، الذي هو سجود التلاوة قول ضعيف، لأنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحدا من المسلمين بالوضوء، ويبعد أن يكونوا جميعا متوضئين، وأيضا فإن المشركين أنجاس لا يطهرهم الماء، وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يسجد على غير طهارة.


(١) سيأتي الكلام عن هاتين المسألتين بشيء من التفصيل في المبحث الرابع.
(٢) المحلى ١/ ٨٠، مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٣/ ١٦٩ - ١٧١ تهذيب السنن ١/ ٥٥.
(٣) المعيار المعرب ١/ ١٤٤.