مغالاة خطيرة في القرن العشرين لم يكن ليوصف بذلك في القرن السادس الميلادي، حين صدر هذا الحكم، فلكل عصر قوانينه وملابساته. . ولا أدري كيف يقولون ذلك وقد درسوا القوانين المعاصرة دراسة نافذة، وكان في مقدرتهم أن يطبقوها على قضية بني قريظة ليروا أن قوانين القرن العشرين لا تختلف في شيء عما أصدره سعد بن معاذ، ولكن أقوال ذوي الغرض من المستشرقين قد خدعت رجالنا عن عقولهم، فنسوا ما يحفظون، وتجاهلوا ما يعلمون، وسنضطر هنا إلى مخاطبتهم بلغتهم القانونية فنقول:
لقد كان بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين يهود بني قريظة معاهدة تحفظ حقوق الفريقين، وتقضي على كل فريق أن ينصر الآخر إذا واجه خطرا في حرب ولكنهم تآمروا به فانضموا إلى أعدائه، وأوقعوه بين شقي الرحى في المدينة مصطليا بنيران أعدائه المشركين من جهة، واعتداء حلفائه اليهود في ساعة العسرة من جهة ثانية فاقترفوا بذاك الغدر الشنيع ثلاث جرائم:
أ - رفع السلاح ضد سلطان المدينة مع الأجنبي المعتدي.
ب - دس الدسائس لدى العدو ضد المسلمين.
ج - تسهيل دخول العدو للبلاد.
وقانون العقوبات المصري، وهو أقرب قانون يعرفه من يؤاخذون سعدا من رجالنا القانونيين، يجعل الإعدام عقوبة كل جريمة من الجرائم الثلاث، وينص على ذلك في المواد ٧٧، ٧٨، ٧٩ عقوبات. وهذه هي نصوصه على الترتيب:
م٧٧ - يعاقب بالإعدام كل مصري رفع السلاح على مصر أو التحق على وجه يعمل في القوات المسلحة لدولة تحارب مصر.
م٧٨ - كل من ألقى الدسائس إلى دولة أجنبية أو إلى أحد مأموريها أو إلى أي شخص يعمل لمصلحتها أو تخابر معها أو معه بقصد استعدائها على مصر أو تمكينها من العدوان عليها يعاقب بالإعدام سواء تحقق الغرض أم لم يتحقق.
م٧٩ - يعاقب بالإعدام كل من سهل دخول العدو إلى البلاد أو سلمه مدنا أو حصونا أو منشآت أو مواقع