للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظائفها على درجات متفاوتة بينهما، واليقظة شبيهة بالبعث إذ أن كلا منهما يعني عودة الأعضاء إلى أداء وظائفها مع اختلاف بينهما في الدرجة. فكما تتم عملية النوم للإنسان والحيوان، وعملية الاستيقاظ لهما، تتم عملية الموت والحياة الكاملة لهما {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١) وفي آية أخرى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٢)، ولذلك أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تتحول هذه الحقيقة الاعتقادية إلى أمر واقعي يتذكره المرء كل صباح ومساء حتى لا نغفل يوما واحدا عن مصيرنا، فأمرنا أن نقول عند النوم فيما رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا آوى أحدكم إلى فراشه، فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين (٣)»، وعند اليقظة: «الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد علي روحي وأذن لي بذكره (٤)»، وفي حديث آخر عن حذيفة قال «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك أموت وأحيا، وإذا قام قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور (٥)»

٣ - ومن الأدلة على إمكانية البعث وإحياء الموتى، ظاهرة الإحياء المتكررة للأرض الموات، والتي يراها الإنسان ويشاهدها في مجال الطبيعة الواسعة. فالإنسان يشاهد أمامه أرضا قفرة لا حياة فيها، ثم ينزل عليها الغيث أو


(١) سورة الأنعام الآية ٦٠
(٢) سورة الزمر الآية ٤٢
(٣) صحيح البخاري، كتاب الدعوات، ١٣، جـ٧ ص: ١٤٩.
(٤) سنن التزمذي كتاب الدعوات، باب ما جاء في الدعاء، إذا أوى إلى فراشه: جـ ٥ ص: ٤٧٢ - ٤٧٣.
(٥) صحيح البخاري، كتاب الدعوات، ٧ جـ ٧ ص: ١٤٧.