للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسقى بالماء فتدب فيها الحياة وتنبت فيها الزروع وأنواع النبات المختلفة الألوان والأشكال والطعوم والروائح والمنافع، وليس البعث إلا شبيها بهذه العملية المتكررة والتي يشاهدها الإنسان دوما {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١)، وقوله تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (٢) {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٣) {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (٤).

فجعل الله سبحانه وتعالى- كما يقول ابن القيم - إحياء الأرض بعد موتها نظير إحياء الأموات، وإخراج النبات منها نظير إخراجهم من القبور، ودل بالنظير على نظيره، وجعل ذلك آية ودليلا على خمسة مطالب: أحدها، وجود الصانع وأنه الحق المبين، وذلك يستلزم إثبات صفات كماله وقدرته وإرادته وحياته وعلمه وحكمته ورحمته وأفعاله. الثاني، أنه يحصي الموتى. الثالث، عموم قدرته على كل شيء. الرابع، إتيان الساعة وأنها لا ريب فيها. الخامس، أنه يخرج الموتى من القبور كما أخرج النبات من الأرض (٥)، «وقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف يحصي الله الموتى؟ ما آية ذلك في خلقه؟ فقال للسائل: أما مررت بوادي أهلك محلا؟ قال بلى. قال أما مررت به يهتز خضرا؟ قال قلت؟ بلى. قال: ثم مررت به محلا؟ قالت بلى، قال: فكذلك يحصي الله الموتى، وذلك آيته قي خلقه (٦)»

٤ - نبه القرآن الكريم إلى عظيم قدرة الله تعالى التي أبدع بها السماوات وخلق بها الأرض وما فيها، ولا خلاف في أن


(١) سورة فصلت الآية ٣٩
(٢) سورة الحج الآية ٥
(٣) سورة الحج الآية ٦
(٤) سورة الحج الآية ٧
(٥) إعلام الموقعين: " ابن القيم "، ص: ١٤٤ - ١٤٥.
(٦) المسند (ابن حنبل): جـ ٤، ص؛ ١١.