للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" إذ الله هو الذي يخرج السنبل الحي من الحب الميت، ويخرج الحب الميت من السنبل الحي، والشجر الحي من النوى الميت، والنوى الميت من الشجر الحي " (١).

ومما يدل أيضا على قدرة الله تعالى على إخراج الأشياء من أضدادها قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} (٢)، أي أن الذي جعل لكم بقدرته من الشجر الأخضر نارا تحرق الشجر لا يمتنع عليه فعل ما أراد ولا يعجزه إحياء العظام البالية وإعادتها خلقا جديدا، وقد أخبر سبحانه- كما يقول ابن القيم- بإخراج هذا العنصر الذي هو في غاية الحرارة واليبوسة من الشجر الأخضر الممتلئ بالرطوبة والبرودة، فالذي يخرج الشيء من ضده هو الذي يفعل ما أنكره الملحد من إحياء العظام وهي رميم " (٣).

٦ - ومن الأدلة أيضا ما أشار إليه القرآن ولفت إليه نظر الإنسان من أن يتدبر في المراحل التي مر ويمر بها خلقه وتكونه وانتقاله من مرحلة التراب إلى أن يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم يصبح طفلا وكهلا ثم يتوفى. فهذه المراحل في كل واحد من البشر، يلاحظها الإنسان ويشاهدها ولا سبيل إلى إنكارها، ويرتبط بها في النص القرآني مرحلة البعث وما يعقبه من تقييم للأعمال وجزاءه عليها. فالإنسان لا ينبغي أن ينكر البعث، وهو الحلقة الأخيرة من مراحل مسار الإنسان لا لشيء إلا لأنه لم يشاهده، فالله الذي خلق الإنسان ابتداء وجعله ينتقل في تلك المراحل لا يعجزه أن يعيده كما بدأه ويبعثه مرة أخرى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} (٤) {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٥) {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (٦).


(١) مختصر تفسير الطبري، جـ١. ص: ٢٤٠.
(٢) سورة يس الآية ٨٠
(٣) مختصر الصواعق " ابن القيم "، جـ١. ص: ١٠١.
(٤) سورة الحج الآية ٥
(٥) سورة الحج الآية ٦
(٦) سورة الحج الآية ٧