للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعلق ابن القيم على هذه الآية بقوله: " يقول سبحانه إن كنتم في ريب من البعث فلستم ترتابون في أنكم مخلوقون، ولستم ترتابون في مبدأ خلقكم من حال إلى حال إلى حين الموت، والبعث الذي وعدتم به نظير النشأة الأولى لا ترتابون فيها، فكيف تنكرون إحدى النشأتين مع مشاهدتكم لنظيرها " (١).

ويقول سيد قطب: "إن هذه الأطوار التي يمر بها الجنين ثم يمر بها الطفل بعد أن يرى النور، لتشير إلى أن الإرادة المدبرة لهذه الأطوار ستدفع بالإنسان إلى حيث يبلغ كماله الممكن في دار الكمال، إذ أن الإنسان لا يبلغ كماله في حياة الأرض فهو يقف ثم يتراجع: {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} (٢) فلا بد من دار أخرى يتم فيها تمام الإنسان.

فدلالة هذه الأطوار على البعث دلالة مزدوجة. فهي تدل على البعث من ناحية أن القادر على الإنشاء قادر على الإعادة، وهي تدل على البعث لأن الإرادة المدبرة تكمل تطوير الإنسان في الدار الآخرة، وهكذا تلتقي نواميس الخلق والإعادة، ونواميس الحياة والبعث، ونواميس الحساب والجزاء، وتشهد كلها بوجود الخالق المدبر القادر الذي ليس في وجوده جدال " (٣).

٧ - بين القرآن أنه لو لم تكن هناك حياة أخرى لكانت الحياة الدنيا عبثا، ولو


(١) إعلام الموقعين: جـ١. ص: ١٤٠.
(٢) سورة الحج الآية ٥
(٣) في ظلال القرآن. " سيد قطب " جـ ٤. ص: ٢٤١١.