للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثالث: «نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ربح ما لم يضمن (١)» وهذا غير مضمون عليه؛ لأنه في ذمة المسلم إليه.

والرابع: أن هذا المبيع مضمون له على المسلم إليه، فلو جوزنا بيعه صار مضمونا عليه للمشتري فيتولى في المبيع ضمانان.

الخامس: أن هذا إجماع كما تقدم.

هذا جملة ما احتجوا به.

قال المجوزون: الصواب جواز هذا العقد، والكلام معكم في مقامين.

أحدهما: في الاستدلال على جوازه، والثاني في الجواب عما استدللتم به على المنع.

فأما الأول: فنقول: قال ابن المنذر: ثبت عن ابن عباس أنه قال: (إذا أسلفت في شيء إلى أجل فإن أخذت ما سلفت فيه وإلا فخذ عوضا أنقص منه ولا تربح مرتين). رواه شعبة.

فهذا قول صحابي، وهو حجة، ما لم يخالف.

قالوا: وأيضا فلو امتنعت المعاوضة عليه لكان ذلك لأجل كونه مبيعا لم يتصل به القبض، وقد ثبت عن ابن عمر أنه قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير؟ فقال: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء (٢)». فهذا بيع للثمن ممن هو في ذمته قبل قبضه.

فما الفرق بينه وبين الاعتياض عن دين السلم بغيره؟

قالوا: وقد نص أحمد على جواز بيع الدين لمن هو في ذمته ولغيره وإن كان أكثر أصحابنا لا يحكون عنه جوازا لغير من هو في ذمته، فقد نص عليه في مواضع حكاه شيخنا أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - عنه.

والذين منعوا جواز بيعه لمن هو في ذمته قاسوه على السلم، وقالوا لأنه


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٣٤)، سنن أبو داود البيوع (٣٥٠٤)، سنن ابن ماجه التجارات (٢١٨٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٧٥)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٦٠).
(٢) سنن الترمذي البيوع (١٢٤٢)، سنن النسائي البيوع (٤٥٨٢)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٤)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٣٩)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٨١).