دين، فلا يجوز بيعه كدين السلم، وهذا ضعيف من وجهين:
أحدهما: أنه قد ثبت في حديث ابن عمر جوازه.
والثاني: أن دين السلم غير مجمع على منع بيعه، فقد ذكرنا عن ابن عباس جوازه، ومالك يجوز بيعه من غير المستسلف.
والذين فرقوا بين دين السلم وغيره لم يفرقوا بفرق مؤثر، والقياس التسوية بينهما.
وأما المقام الثاني: فقالوا: أما الحديث: فالجواب عنه من وجهين: أحدهما: ضعفه كما تقدم.
والثاني: أن المراد به أن لا يصرف المسلم فيه إلى سلم آخر أو يبيعه بمعين مؤجل، لأنه حينئذ يصير بيع دين بدين وهو منهي عنه، وأما بيعه بعوض حاضر من غير ربح فلا محذور فيه كما أذن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عمر.
فالذي نهي عنه من ذلك: هو من جنس ما نهي عنه من بيع الكالئ بالكالئ، والذي يجوز منه هو من جنس ما أذن فيه من بيع النقد لمن هو في ذمته بغيره من غير ربح.
وأما نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام قبل قبضه: فهذا إنما هو في المعين أو المتعلق به حق التوفية من كيل أو وزن فإنه لا يجوز بيعه قبل قبضه، وأما ما في الذمة فلا اعتياض عنه من جنس الاستيفاء وفائدته سقوط ما في ذمته عنه لا حدوث ملك له، فلا يقاس بالبيع الذي يتضمن شغل الذمة، فإنه إذا أخذ منه عن دين السلم عرضا أو غيره أسقط ما في ذمته، فكان كالمستوفي دينه لأن بدله يقوم مقامه، ولا يدخل هذا في بيع الكالئ بالكالئ بحال، والبيع المعروف: هو أن يملك المشتري ما اشتراه، وهذا لا يملكه شيئا، بل سقط الدين من ذمته، ولهذا لو وفاه ما في ذمته لم يقل أنه باعه دراهم بدراهم بل يقال وفاه حقه بخلاف ما لو باعه دراهم معينة