للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأنس وفسر الشافعي وغيره من العلماء البيعتين في بيعة تفسيرين (أحدهما) أن يقول: بعتك هذا بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة (والثاني) أن يقول: بعتك بمائة مثلا على أن تبيعني دارك بكذا وكذا، وقد ذكر المصنف التفسيرين في الفصل الذي بعد هذا، وذكرهما أيضا في التنبيه وذكرهما الأصحاب وغيرهم (والأول) أشهر، وعلى التقديرين البيع باطل بالإجماع.

(وأما) الحديث الذي في سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا (١)» فقال الخطابي وغيره: يحتمل أن يكون ذلك في قصة بعينها، كأنه أسلف دينارا في قفيز حنطة إلى شهر فحل الأجل فطالبه فقال: يعني القفيز الذي لك علي إلى شهرين بقفيزين فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول فصار بيعتين في بيعة فيرد إلى أوكسهما وهو الأصل، فإن تبايعا البيع الثاني قبل فسخ الأول كانا قد دخلا في الربا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(فرع) في مذاهب العلماء فيمن باع بألف مثقال ذهب وفضة، مذهبنا أنه بيع باطل وقال أبو حنيفة يصح ويكون الثمن نصفين، واحتج أصحابنا بالقياس على ما لو باعه بألف بعضه ذهب وبعضه فضة فإنه لا يصح.

ب - قال عبد الله بن قدامة - رحمه الله - في المغني (٢):

(مسألة) قال (وإذا قال بعتك بكذا على أن آخذ منك الدينار بكذا لم ينعقد البيع وكذلك إن باعه بذهب على أن يأخذ منه دراهم بصرف ذكراه. وجملته: أن البيع بهذه الصفة باطل، لأنه شرط في العقد أن يصارفه بالثمن الذي وقع العقد به والمصارفة عقد بيع فيكون بيعتان في بيعة، قال أحمد هذا معناه، وقد روى أبو هريرة قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة (٣)» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وروي أيضا عن


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٣١)، سنن النسائي البيوع (٤٦٣٢)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣٢).
(٢) ٢٣٣ - ٢٣٥ ج ٤.
(٣) سنن الترمذي البيوع (١٢٣١)، سنن النسائي البيوع (٤٦٣٢).