* النزائع: الخيل العربية التي حملت من أرضها إلى أرض أخرى * السراح: الذئاب جمع سرحان * جزة المقضاب: ما يجز من النبات ويقطع * قود: طوال * تراح بفتح التاء: تنشط * الضراء: الكلاب الضارية في الصيد، والكلاب بتشديد اللام الصائد صاحب الكلاب * السائمة: الماشية المرسلة للرعي * تردي: تهلك، تئوب: ترجع. كأننا بالشاعر يقدم الحديث عن الخيول التي غنمت أو التي اشتريت ثم نقلت لتعيش في أرباض المدينة، وشبهها بالذئاب في سرعة عدوها وخفة حركتها، وذكر الشاعر أن نموها كان بسبب علف الشعير وما يجز لها من النبات بالمقضاب، ثم صور جسدها فوصفه بالطول في قوله: قود وهو جمع أقود وقوداء، ثم صور نشاطها وحركتها حين تسمع الصياح فتفعل فعل كلاب الصيد حين تنشط وتنطلق وقد سمعت صوت الكلاب (صاحبها) وهو يهيب بها نحو الفرائس وكأن الخيول دربت على الاندفاع حين تسمع الصياح.
وهذه الخيول ينتفع بها في السلم والحرب، فهي في السلم تحوط السوائم وترعاها من سطوة الذئاب، وأما في الحرب فهي مهلكة للأعداء وتئوب بالغنائم والأسلاب.
وإنا حين نلقي نظرة على هذه الأبيات من تلك القصيدة الطويلة نلمس قوة (لبيد) وأسلوب لبيد وروح لبيد وكأن انطباعات الجاهليين تنعكس على شعره فهو متأثر إلى حد كبير برءوس شعراء الجاهلية وإن كان مخضرما وفي شعره الكثير من المعاني التي جاء بها القرآن والإسلام.
وقد لا نجد في هذا اللون الكثير من الوهن الذي ربما نراه في شعر غيره من شعراء صدر الإسلام الذين اتهموا بضعف شعرهم الإسلامي؛ لأنه مرتجل أو لأنه يحمل حقائق إسلامية صادقة.
وقد قيل: إن أعذب الشعر أكذبه: والحقائق تجافي الكذب، وربما كان سبب ضعف شعرهم، ذلك السرد التاريخي وقد لا يكون من إسراف القول إذا قلنا: إن كعب بن مالك قمة شعراء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحسبه من بين الصحابة أن يكون واحدا من اثنين حملا في سبيل الدعوة السيف والقلم هما: كعب وابن رواحة، فكان كعب صاحب السيف الذي نافح عن الإسلام ورسوله ونصر كلمته وكان صاحب القلم الذي ذاد عن الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - هجمات شعراء قريش بل طعن فأدمى ووخز فأخزى " جزاه الله وأحسن بين المجاهدين مثواه ".