للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إما جفاء وإعراض، وإما غلو وإفراط.

وهذه مصائد الشيطان التي يصطاد بها بني آدم (١)، ولهذا حذر سبحانه من الغلو قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (٢) وفي الآية الأخرى: {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (٣).

فلما من الله سبحانه على المسلمين في آخر هذه الأزمان - التي اشتدت فيها غربة الدين - باجتماع المسلمين، ورد لهم الكرة، ولم شعثهم بإمام يدعوهم إلى دين الله وإلى طاعته [١ / أ] بماله، ونفسه، ولسانه، وهدى الله بسب ذلك من هدى من البادية، وعرفهم الإسلام ورغبهم فيه، ودانو به - وهي من أعظم النعم عليهم وعلى المسلمين عموما أن هداهم لدينه وعرفهم به - وأخرجهم من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإسلام وطاعة ربهم، وعرفهم دينهم الذي خلقوا له وتعبدهم الله سبحانه وبحمده به. وقد كانوا قبل ذلك في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، أشقى الناس في الدنيا. من عاش منهم عاش شقيا، ومن مات منهم ردي في النار.

فالواجب - علينا وعليكم - معرفة هذه النعمة، والقيام بحق الله تعالى


(١) ينظر ابن القيم: إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، مطبوع محقق في مجلدين.
(٢) سورة النساء الآية ١٧١
(٣) سورة المائدة الآية ٧٧