للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا (١)».

ومثل هذا يمكن أن يقال عن باقي العبادات وأعمال الخير والطاعات، فقد جاء الأمر - مثلا - بالإسراع بالحج إذ قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة (٢)». وهكذا فقد كان الصحابة ومن بعدهم يحضون على المبادرة، وأقوال الصحابة وأفعالهم في هذا لا تحصى كثرة، وسيأتي شيء منها في البحث وإليك بعض أقوال الصالحين ممن جاء بعدهم:

قال المنذر: سمعت مالك بن دينار يقول لنفسه: ويحك بادري قبل أن يأتيك الأمر، ويحك بادري قبل أن يأتيك الأمر حتى كرر ذلك ستين مرة أسمعه ولا يراني (٣).

وكان الحسن يقول في موعظة: المبادرة المبادرة، فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل، رحم الله امرءا نظر إلى نفسه وبكى على عدد ذنوبه، ثم قرأ هذه الآية: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} (٤) يعني الأنفاس، آخر العدد خروج نفسك، آخر العدد فراق أهلك، آخر العدد دخولك في قبرك إحياء علوم الدين (٤/ ٤١٨) وقال الحسن: يتوسد المؤمن ما قدم من عمله في قبره إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا، فاغتنموا المبادرة رحمكم الله في المهلة (٥).


(١) صحيح البخاري " الأذان " (٢/ ٩٦).
(٢) مسند أحمد (١/ ٢١٤).
(٣) إحياء علوم الدين (٤/ ٤١٨).
(٤) سورة مريم الآية ٨٤
(٥) اقتضاء العلم العمل (ص ٩٧).