للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن حبان: أضمر في الحديث كلمة وهي " لو تصدق بها " أي: فيتعلم آيتين من كتاب الله خير من ناقتين أو ثلاث لو تصدق بها (١).

ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - استشعر ما بأهل الصفة من فقر وحاجة وانكسار قد يؤثران لو استمرا على نفوسهم بعض التأثير، فأراد أن ينسيهم ما هم فيه، ويرشدهم في الوقت نفسه إلى ما هو خير لهم من المال والغنى بل ومن الدنيا بأسرها، فأرشدهم إلى تعلم القرآن وأخبرهم بما لهم من الأجر والفضل.

وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم حنين بين المؤلفة قلوبهم ومسلمة الفتح، ولم يعط الأنصار شيئا فوجد بعض الأنصار في نفسه، وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجمع الأنصار ليعالج هذا الأمر ويصلح الحال فكان مما قال: «ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم (٢)»؟ وفي لفظ: «أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، فبكوا حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا (٣)»، وهكذا فقد صحح الرسول ما بنفوسهم وما التبس عليهم، وربطهم بالله سبحانه وتعالى بدلا من التعلق بالدنيا وزهرتها وذكرهم بما نسوه، وقد ذكر الواقدي: «أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعاهم ليكتب لهم بالبحرين تكون لهم خاصة بعده دون الناس، وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الأرض، فأبوا وقالوا: لا حاجة لنا بالدنيا (٤)».


(١) الصحيح (١/ ٢٧٨).
(٢) صحيح البخاري المغازي (٤٣٣٠)، صحيح مسلم الزكاة (١٠٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٤٢).
(٣) صحيح البخاري " المغازي " (٨/ ٤٧، ٥٣).
(٤) فتح الباري (٨/ ٥١).