للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل (١).

وقد غاب أنس بن النضر - رضي الله عنه - عن بدر فشق عليه ذلك وقال: «لئن أراني الله تعالى مشهدا فيما بعد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد أسرع إلى المعركة، وهو يقول: إني لأجد ريح الجنة دون أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون ضربة وطعنة ورمية فقالت أخته: فما عرفت أخي إلا ببنانه (٢)».

وقد رصد معاذ بن عمرو بن الجموح أبا جهل في بدر حتى أمكنه الله منه فقطع رجله قال عمرو: (وضربني ابنه - يعني ابن أبي جهل - فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي وأجهضني القتال عنها، فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها) (٣).

ولا يخفى مدى صبر هذا الصحابي ومصابرته، إذ أشغله القتال عن يده وبقي يسحبها خلفه، وأخيرا رمى بها.

وهذا عمرو بن الجموح رجل شديد العرج وهو ممن عذر الله، وله أربعة أبناء مثل الأسد يشهدون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاهد، يصر على الخروج يوم أحد قائلا: (إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة) فقتل شهيدا (٤).


(١) سيرة ابن هشام (المجلد الأول ص ٦٢٧).
(٢) صحيح البخاري " الجهاد " باب قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا) (٦/ ٢١)، سيرة ابن هشام (المجلد الثاني ص ٨٣).
(٣) سيرة ابن هشام (المجلد الأول ص ٦٣٥).
(٤) سيرة ابن هشام (المجلد الثاني ص ٩٠).