للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما طلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أصحاب أحد الخروج في اليوم الثاني طلبا للقوم، وقد أصاب المسلمين ما أصابهم من ألم وجراح خرجوا من غير تردد أو تذمر، فقد قال رجل من بني عبد الأشهل: (شهدت أحدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأخ لي فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج في طلب العدو قلت لأخي: أو قال لي: أتفوتنا غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والله ما لنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنت أيسر جرحا فكان إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون) (١).

وقد كان حسيل بن جابر اليماني " وقيل حسل "، وثابت بن وقش شيخين كبيرين، فبقيا مع النساء والصبيان في غزوة أحد فقال أحدهما لصاحبه: (لا أبا لك ما تنظر؟ فوالله ما بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار، إنما نحن هامة اليوم أو غد، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يعلم بهما، فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه (٢).

ولما قرأ أبو طلحة - رضي الله عنه - قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٣). قال: (أرى ربنا استنفرنا شيوخا وشبانا جهزوني يا بني فقال بنوه: يرحمك الله قد غزوت


(١) سيرة ابن هشام (المجلد الثاني ص ١٠١).
(٢) سيرة ابن هشام (المجلد الثاني ص ٨٧).
(٣) سورة التوبة الآية ٤١