للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها (١)».

فهكذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشجع أصحابه على التنافس في الجهاد بالأموال.

وعن أبي مسعود برواية شقيق عنه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالصدقة، فما يجد أحدنا شيئا يتصدق به حتى ينطلق إلى السوق فيحمل على ظهره فيجيء بالمد فيعطيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني لأعرف اليوم رجلا له مائة ألف ما كان له يومئذ درهم (٢)».

ويحث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على الصدقة، فيتصدق عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - وغيره من الأغنياء بمال كثير، ويجيء أبو عقيل الأنصاري بصاع من تمر، قد كان بات ليلته يجر] بالجرير على صاعين فيترك صاعا لعياله ويتصدق بالآخر، وكان تصدق هؤلاء الصحابة من أغنياء وفقراء كل بحسب طاقته ووسعه شيئا رائعا، مما جعل المنافقين ومرضى القلوب يلمزونهم ويتهمونهم (٣).

وقد «جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم الصوف، فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة وعوز شديد، فتمعر وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رؤي ذلك في وجهه، فخطب الناس وحثهم على الصدقة، فتسابق الناس فجاء رجل من الأنصار بصرة من ورق، ثم جاء آخر، ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من سن في الإسلام


(١) سنن النسائي " الزكاة " باب جهد المقل (٥/ ٥٩).
(٢) سنن النسائي " الزكاة " باب جهد المقل (٥/ ٥٩).
(٣) انظر صحيح البخاري " التفسير " (٨/ ٣٣٠)، تفسير أبي السعود (٢/ ٥٨١ - ٥٨٢).