للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقل له: استغفر لي، ثم مات (١).

ثانيا: الجهاد بالأموال في سبيل الله:

فلم يكن الصحابة - رضي الله عنهم - ليبذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله، ثم يضنوا بأموالهم فلا ينفقونها في سبيل الله، بل إنهم ضربوا أروع الأمثلة في البذل، والعطاء، والتضحية، والبلاء، سواء منهم المقل، أو المكثر، الأنصاري، أو المهاجر، وكيف لا يكونون كذلك وقد كان المهاجرون هجروا أرضهم، وديارهم، وأقرباءهم، وأموالهم وأرخصوها في سبيل الله.

فهذا صهيب - رضي الله عنه - مثلا - تمنعه قريش من الهجرة، فيتخلى لهم عن جميع ماله مقابل أن يخلوا سبيله، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ربح صهيب، ربح صهيب (٢)».

وهؤلاء الأنصار في العقبة الثانية يبايعون الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أن يحموه وإن أدى ذلك إلى مصيبة الأموال وهلاكها وقتل الأشراف والأبناء، ولهم بذلك الجنة (٣). وعندما جاءهم المهاجرون استقبلوهم، وآووهم، وآزروهم كما هو معروف.

ومن الأمثلة على مبادرة الصحابة - رضي الله عنهم - بالمال وجهادهم في ذلك ومنافستهم فيه - زيادة على ما ذكر -.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبق درهم مائة ألف درهم قالوا: كيف؟ قال: كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله


(١) صحيح البخاري " المغازي " (٨/ ٤١).
(٢) سيرة ابن هشام (المجلد الأول ص ٤٧٧)، الإصابة (٢/ ١٩٥).
(٣) سيرة ابن هشام (المجلد الأول ص ٤٤٦).