وقد كان الإمام الشوكاني في كتابه (إرشاد الفحول) ممن نحا هذا المنحى، بل إنه ذهب إلى اتهام كل من ينكر وقوع المجاز في القرآن أو لغة العرب بالجهل وقلة الاطلاع، قال - رحمه الله -: (المجاز واقع في لغة العرب عند جمهور أهل العلم، وخالف في ذلك أبو إسحاق الإسفرائيني، وهذا يدل أبلغ دلالة على عدم اطلاعه على لغة العرب، وينادي بأعلى صوت، بأن سبب هذا الخلاف، تفريطه في الاطلاع على ما ينبغي الاطلاع عليه، من هذه اللغة الشريفة، وما اشتملت عليه من الحقائق والمجازات التي لا تخفى على من له أدنى معرفة بها، فإن وقوع المجاز وكثرته في اللغة العربية أشهر من نار على علم، وأوضح من شمس النهار.
وكما أن المجاز واقع في لغة العرب، فهو أيضا واقع في الكتاب العزيز، عند الجماهير وقوعا كثيرا، بحيث لا يخفى إلا على من لا يفرق بين الحقيقة والمجاز.
وقد روي عن الظاهرية نفيه عن الكتاب العزيز، وما هذا بأول مسائلهم، التي جمدوا فيها، جمودا يأباه الإنصاف، وينكره الفهم، ويجحده العقل.
وكما أن المجاز واقع في الكتاب العزيز وقوعا كثيرا، فهو أيضا واقع في السنة وقوعا كثيرا، والإنكار لهذا الواقع مباهتة، لا يستحق المجاوبة.
أما ابن جني وشيخه أبو علي الفارسي، فقد توسعا - في القول بالمجاز - توسعا، لم يسبقهما إليه أحد، إذ زعما أن عامة ألفاظ العربية، وأكثر