للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو حقيقة في دلالته على ذلك المعنى، أما إذا دل على معنى آخر - لم يكن قد وضع أصلا للدلالة عليه - فهو مجاز في الدلالة على هذا المعنى الجديد. .

قالوا: ونعرف ذلك بطريق النقل عن أهل اللغة، كأن يقول الواضع: هذا حقيقة، وذاك مجاز، أو يقول: هذا اللفظ مستعمل فيما وضع له، وذاك مستعمل في غير ما وضع له.

والقول بأن العرب قد وضعوا هذا اللفظ المعين، للدلالة على هذا المعنى بالذات دون غيره من المعاني، واستعملوه فيه مدة قصيرة أو طويلة على الحقيقة، ثم نقلوه - بعد ذلك - للدلالة على معنى آخر مستحدث، غير معناه الأول، الذي كانوا وضعوه له، ثم استعملوه فيه على المجاز، ليس إلا عبارة عن دعوى بلا علم، وقول لا يقوم عليه دليل، للأسباب التالية:

(أ) إن ادعاء وضع أي لفظ كان - في أصل وضعه الأول - للدلالة على معنى معين بالذات دون غيره من المعاني، لا يمكن الوصول إليه إلا بطريق الوحي أو خبر الصادق المعلوم بالضرورة صدقه، وأنى لبشر أيا كان - حاشا الأنبياء - ادعاء مثل هذا؟؟

إن مثل هذا غيب، لا يمكن لأحد الجزم به، لأن أحدا منا لم يكن مع أهل اللغة الأولين، ليعرف أنهم وضعوا هذا اللفظ - أول ما وضعوه - للدلالة على هذا المعنى المعين بالذات، ولا هم أخبرونا بشيء من هذا عن طريق نص صريح صحيح يمكن الاعتماد عليه أو الركون إليه.

(ب) ثم إن مثل هذا الادعاء مبني على القول بأن ألفاظ اللغة