للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اصطلاحية، بمعنى أن مجموعة من العقلاء قد اجتمعوا، واصطلحوا على أن يطلقوا هذا اللفظ على هذا المسمى، ثم استعملوا - بعد هذا الاتفاق - هذا المعنى في الدلالة على هذا المعنى دون غيره، وبعد مرور فترة من الوقت - طويل أو قصير - اجتمعوا مرة أخرى - كاجتماعهم الأول - وتواطئوا على أن يستعملوا ذلك اللفظ، في معنى آخر غير المعنى الأول - جد عليهم - لاكتشافهم وجود علاقة بين هذا اللفظ، وبين هذا المعنى الجديد، ثم قالوا: هذا اللفظ حقيقة في الدلالة على المعنى الأول، مجاز في الدلالة على المعنى الثاني.

ونحن لا نعلم أحدا تجرأ على القول بمثل هذا القول، إلا ما نقل عن أبي هاشم الجبائي المعتزلي أنه قاله وبسببه خاض معركة كلامية مع صديقه القديم أبي حسن الأشعري، الذي قال في مبدأ اللغات: إنها توقيفية (١).

(جـ) إن الذي يعرفه الناس جميعا، هو استعمال الألفاظ في معانيها المفهومة منها، وأما أن يكون أهل اللغة قد وضعوا هذا اللفظ لهذا المعنى لا يتعداه إلى غيره، فهذا خلاف المعقول والمنقول.

ففي قوله تعالى - مثلا - {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (٢)، قالوا: الجناح - هنا - مجاز، إذ أن الملك ليس له جناح من ريش، وهذا - بلا شك - قول فاسد، بل هو من أفسد الأقوال، فمن ذا الذي جاءنا بنقل ثابت


(١) نقل هذا القول عنه: ابن تيمية في (الفتاوى): ٧/ ٩٠).
(٢) سورة فاطر الآية ١