عليها فهو تعزير، وعلى القول بأنها حد وإن الحد لا يدخله الاجتهاد لا تجوز التجزئة.
ونظرا إلى أن الحكم بتجزئة العقوبة أو عدمها ينبني على قاعدة أصولية وهي تمييزها ما يدخله الاجتهاد وما لا يدخله، فإننا ننقلها عن بعض علماء الأصول في ذلك، ومنها يتحدد ما فيه للاجتهاد وما لا مجال فيه للاجتهاد.
قال الشاطبي: مجال الاجتهاد المعتبر هي ما ترددت بين طرفين وضح في كل واحد منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي ولا إلى طرف الإثبات.
وبيانه أن نقول: لا تخلو أفعال المكلف وتروكه إما أن يأتي فيها خطاب من الشارع أو لا، فإن لم يأت فيها خطاب فإما أن يكون على البراءة الأصلية ويكون فرضا غير موجود والبراءة الأصلية في الحقيقة راجعة إلى خطاب الشارع بالعفو أو غيره.
وإن أتى فيها خطاب فإما أن يظهر فيه للشارع قصد في النفي أو في الإثبات أو لا، فإن لم يظهر له قصد البتة فهو قسم المتشابهات، وإن ظهر فتارة يكون قطعيا وتارة يكون غير قطعي.
فأما القطعي فلا مجال للنظر فيه بعد وضوح الحق في النفي أو في الإثبات وليس محلا للاجتهاد وهو قسم الواضحات، لأنه واضح الحكم حقيقة والخارج عنه مخطئ قطعا.
وأما غير القطعي فلا يكون كذلك إلا مع دخول احتمال فيه