أن يقصد الشارع معارضة أو لا فليس من الواضحات بإطلاق، بل بالإضافة إلى ما هو أخفى فيه كما أنه يعد غير واضح بالنسبة إلى ما هو أوضح منه، لأن مراتب الظنون في النفي والإثبات تختلف بالأشد والأضعف حتى تتنهي إما إلى العلم وإما إلى الشك إلا أن هذا الاحتمال تارة يقوى في إحدى الجهتين وتارة لا يقوى، فإن لم يقو رجع إلى قسم المتشابهات، والمقدم عليه حائم حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وإن قوي في إحدى الجهتين فهو قسم المجتهدات وهو الواضح الإضافي بالنسبة إليه في نفسه وبالنسبة إلى أنظار المجتهدين.
فإن كان المقدم عليه من أهل الاجتهاد فواضح في حقه في النفي أو في الإثبات إن قلنا أن كل مجتهد مصيب، وأما على قول المخطئة فالمقدم عليه إن كان مصيبا في نفس الأمر فواضح وإلا فمعذور.
وقد تقرر من هذا الأصل أن قسم المتشابهات مركب من تعارض النفي والإثبات إذا لو لم يتعارضا لكان من قسم الواضحات، وأن الواضح بإطلاق لم يتعارض فيه نفي مع إثبات بل هو إما منفي قطعا وإما مثبت قطعا، وأن الإضافي إنما صار إضافيا لأنه مذبذب بين الطرفين الواضحين فيقرب عند بعض من أحد الطرفين وعند بعض من الطرف الآخر، وربما جعله بعض الناس من قسم المتشابهات فهو قسم غير مستقر في نفسه، فلذلك صار إضافيا لتفاوت مراتب الظنون في القوة والضعف ويجري مجرى النفي في أحد الطرفين إثبات ضد الآخر فيه، فثبوت