الحد، وإن كان الشهود فعلوا ذلك من قبل أنفسهم فلا يجزئ أقل من اثنين كالشهادة على الشرب، وقد روى ابن وهب عن مالك رضي الله تعالى عنه أنه إن لم يكن مع الحاكم إلا واحد فليرفعه إلى من هو فوقه، قال القاضي أبو الوليد رحمه الله تعالى: وما رواه ابن حبيب عن أصبغ مبني على أن الحاكم يحكم بعلمه فلذلك جاز عنده علم من استنابه وإلا فقد يجب أن لا يحد في ذلك حتى يشهد عنده فيه شاهدان.
الثالث: فيما يجب بشهادة الاستنكاه، ولا يخلو أن يكون الشهود متيقنين للرائحة أو شاكين فيها فإن كانوا متيقنين للرائحة فلا يخلو أن يتفقوا على أنها رائحة مسكر أو على أنها غير رائحة مسكر أو يختلفوا في ذلك، فإن اتفقوا على أنها غير رائحة مسكر فلا نعلم في المذهب خلافا في وجوب ترك الحد، وإن اتفقوا على أنها رائحة مسكر وجب الحد عليه، وإن اختلفوا في ذلك فقال بعضهم: رائحة مسكر، وقال بعضهم: ليس برائحة مسكر فقد قال ابن حبيب: إذا اجتمع منهم اثنان على أنها رائحة مسكر حد، ووجه ذلك أن الشهادة قد قامت وكملت ولا يؤثر في ذلك نفي من نفى مقتضاها كما لو شهد شاهدان أنهما رأياه شرب خمرا وقال آخران: لم يشرب خمرا.
(مسألة) فإن شك الشهود في الرائحة هل هي رائحة مسكر أو غيره نظرت حاله فإن كان من أهل السفه نكل، وإن كان من أهل العدل خلي سبيله حكاه ابن القاسم في العتبية