للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - إن من تمام تحريمها وكمال الردع عنها الحكم بنجاستها حتى يتقذرها العبد فكيف عنها قربا بالنجاسة وشربا بالتحريم فالحكم بنجاستها يوجب التحريم (١).

القول الثاني: أنها طاهرة، قال القرطبي بعد ذكره لقول من قالها إنها نجسة قال: وخالفهم في ذلك ربيعة والليث بن سعد والمزني صاحب الشافعي وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين فرأوا أنها طاهرة، وأن المحرم إنما هو شربها، وقد استدل سعيد بن الحداد القروي على طهارتها بسفكها في طرق المدينة. قال ولو كانت نجسة لما فعل ذلك الصحابة رضوان الله عليهم، ولنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه كما نهى عن التخلي في الطريق (٢). انتهى.

وقد يناقش هذا الاستدلال بالوجوه الآتية:

الوجه الأول: قد يقال المواضع التي أريق فيها الخمر ليست مواضع للصلاة بل هي مسالك استطراق فإما أن يقال بأنه لا يشق الاحتراز منها أو لا، وعلى القول بأنه لا يشق الاحتراز منها ووطئها المار فإنه يطهره ما بعده، فروى الإمام أحمد وأبو داود أن امرأة قالت لأم سلمة: «إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطهره ما بعده (٣)»، وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وطئ أحدكم


(١) أحكام القرآن لابن العربي ٢/ ٦٥١.
(٢) أحكام القرآن ٦/ ٣٨٨.
(٣) سنن الترمذي الطهارة (١٤٣)، سنن أبو داود الطهارة (٣٨٣)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٣١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٩٠)، موطأ مالك الطهارة (٤٧)، سنن الدارمي الطهارة (٧٤٢).