عندما مررنا بتلك البناية في أحد الشوارع في مدينة كبيرة، وكانت جولة ليلية، تخللها حديث ذو شجون، فقال هذا الأخ: ارفع رأسك إلى هذه البناية، وأخبرني عما تلاحظ فيها.
فرفعت رأسي، ثم أعدت النظر إلى المتحدث قائلا: لم ألحظ شيئا، إنها بناية جميلة سامقة الارتفاع في السماء تتلألأ الأنوار من داخلها، فتزيدها جمالا، وتضفي عليها ثوبا قشيبا، هو حلية المباني الحديثة وبهاؤها.
قال: ألم يلفت نظرك فيها شيء؟ قلت: أبدا، ولكن أعني عما تريد؟.
قال: انظر إلى أدوارها ولاحظ واحدا غير مضاء وحدد رقمه في المبني.
فأعدت النظر وبدأت أطبق ما قال، وإذا بي أخرج بالنتيجة: إنه الدور الثالث عشر غير مضاء من بين أدوار هذه البناية المتعددة، فقلت له عن هذه النتيجة.
قال: ألا تعلم أن كثيرا من بلاد الغرب والشرق لا يسكنون الدور الثالث عشر، ويتشاءمون منه فنبهني صاحبي إلى أمر مهم بدأت عدواه تستشري في كثير من ديار المسلمين، ومنها هذا المعتقد الذي أصله قديم في بلاد النصارى، قدم صراع الإسلام مع النصرانية.
وما ذلك إلا أن التشاؤم عندهم في بلاد الغرب يقترن بالتشاؤم من يوم الجمعة. وساقوا ذلك ضمن ما ساقوا من أمور