دواوين الملوك والأمراء وبيوت علية القوم وأعيانهم، وكان الأعراب يجوسون خلال هذه الحلقات والمجالس ويقفون فيها على دروس النحويين ومناظراتهم.
ظهرت حاجة الخلفاء والأمراء والعظماء آنذاك للعلماء لتأديب أولادهم أو تزيين مجالسهم بما لا يقل عن حاجة العلماء إلى أموالهم.
انتشرت الأفكار الفلسفية ونشط الناس لدراستها، فتجلى الاعتزال، وظهر أثره القوي في علوم الدين، وساد الجدل فيها، وعم المنطق، وسيطر حتى على بعض الخلفاء كالمأمون وغيره.
تأثر البحث اللغوي والنحوي حينذاك بالعلوم العقلية وما فيها من العلل والبراهين، مما أخرجه إلى حد كبير عن النقل والسماع المحض، كذلك تأثر اللغويون والنحويون بهذا الجو تأثرا عميقا ظهر في مناهجهم في الدرس وطرائقهم في التفكير والتوجيه والتحليل.
وقد اشترك في لقب " الأخفش " كثيرون من مختلف الأمصار، أشهرهم ثلاثة، هم:
١ - أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد، الأخفش الأكبر، أو الكبير، النحوي البصري، المتوفى سنة ١٥٧ هـ، أو سنة ١٧٧ هـ، وكان من أكابر علماء العربية ومقدميهم، أخذ عنه أبو عبيدة معمر بن المثنى، كما أخذ عنه سيبويه.
٢ - أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي -صاحبنا - الأخفش الأوسط، المتوفى سنة ٢١١ هـ، أو سنة ٢١٤هـ، وسنفصل القول عنه بعد قليل.
٣ - أبو الحسن علي بن سليمان، الأخفش الأصغر، أو الصغير المتوفى سنة