للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (١)، ومثل هذا في التنزيل وغيره كثير، ومع ذلك فقد رأى الأخفش أن هذا الحذف مقصور على السماع وأن القياس على المسموع ممنوع، في حين رأى ابن جني أن الحذف (٢) مقيس لكثرة المسموع منه في القرآن والشعر من جهة ولسعة المجاز في العربية واستمراره على ألسنة العرب من جهة أخرى.

وقوله بحذف الاسم المشاف إليه في قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} (٣) أي لكل أمة، وفي قول جرير:

يا تيم تيم عدي لا أبا لكم ... لا يوقعنكم في سوأة عمر

أي يا تيم عدي تيم (٤) عدي.

وقوله بحذف الاسمين المضاف والمضاف إليه معا في قول القائل "ضربي زيدا قائما" فقد قدر الأخفش الجملة "ضربي زيدا ضربه قائما" فحذف خبرا مضافا وضميرا مضافا إليه في حين قدر سائر النحاة الجملة "ضربي زيدا حاصل إذ كان قائما" للماضي و"إذا كان قائما" للمستقبل، فحذفوا خبرا وظرفا وفعلا ناقصا واسمه أو فعلا تاما وفاعله، وهو فيما صنع أكثر منهم انسجاما مع الأصل المقرر القاضي بأنه ينبغي تقليل المحذوف ما أمكن لتقل مخالفة الأصل (٥).

وقوله بحذف الفعل المضارع وفاعله بعد (لات) فقد رأى الأخفش أن (لات) لا تعمل شيئا فإذا جاء بعدها منصوب فهو مفعول بفعل مضارع هو أرى محذوف مع فاعله، فمعنى "لات حين مناص" لا أرى حين مناص، أو لات أرى حين مناص، وبينهما فرق في إلحاق التاء بلا على أنها حرف للتأنيث، وفي تركها على أنها حرف (٦) زائد.


(١) سورة البقرة الآية ١٧٧
(٢) انظر الخصائص ٤٥١: ٢، ٤٥٢ والهمع ٥١: ٢.
(٣) سورة البقرة الآية ١٤٨
(٤) انظر ابن يعيش، شرح المفصل ٢١: ٣.
(٥) انظر الهمع ١٠٦: ١.
(٦) انظر ابن يعيش، شرح المفصل ١٠٩: ١، وشرح ابن عقيل للألفية ٢٧٥: ١.