للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العباس بن عبد المطلب (١)»، فدخل في ذلك الربا الذي من بعد إسلامه إلى فتح مكة، فلو كان الربا الذين بين المسلم والحربي موضوعا لكان ربا العباس موضوعا يوم أسلم.

(والجواب) أن العباس كان له ربا في الجاهلية من قبل إسلامه، فيكفي حمل اللفظ عليه، وليس ثم دليل على أنه بعد إسلامه استمر على الربا، ولو سلم استمراره عليه؛ لأنه قد لا يكون عالما بتحريمه، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - إنشاء هذه القاعدة وتقريرها من يومئذ. (٢).

٤ - قال ابن قدامة:

(فصل) ويحرم الربا في دار الحرب كتحريمه في دار الإسلام. وبه قال مالك والأوزاعي وأبو يوسف والشافعي وإسحاق، وقال أبو حنيفة: لا يجري الربا بين مسلم وحربي في دار الحرب، وعنه في مسلمين أسلما في دار الحرب: لا ربا بينهما. لما روى مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب (٣)» ولأن أموالهم مباحة وإنما حظرها الأمان في دار الإسلام، فما لم يكن كذلك كان مباحا.

ولنا: قول الله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٤) وقوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (٥) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (٦) وعموم الأخبار


(١) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٧٣)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣٤).
(٢) شرح المهذب ١١/ ١٥٨.
(٣) الحديث مرسل غريب، وهو يحتج بمرسل الثقة. والأصل في هذا عنده أن المال الحربي مباح الأصل، فالوسيلة لأخذه برضاه لا تخرجه عن أصل، بخلاف مال المستأمن والذمي. قالوا: ولذلك أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - للصديق أكل القادر من بعض مشركي مكة لما راهنه على غلب الروم للفرس. وصرح بعضهم بأن المباح: أن يأخذ المسلم مال الحربي دون العكس.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٥) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٦) سورة البقرة الآية ٢٧٨