للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يتأول إلا ثلاثة أشياء: الحجر الأسود يمين الله في الأرض وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن وإني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن فهذه حكاية كذب على أحمد لم ينقلها أحد عنه بإسناد، ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه، وهذا الحنبلي الذي ذكر عنه أبو حامد مجهول لا يعرف لا علمه بما قال ولا صدقه فيما قال) أهـ. من ص٣٩٨ من ج٥ من مجموع الفتاوى.

وبيان ذلك أن للتأويل ثلاثة معان:

الأول: مآل الشيء وحقيقته التي يئول إليها كما في قوله تعالى عن يوسف - عليه السلام -: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} (١) أي حقيقتها التي آلت إليها وقوعا، وليس هذا مقصودا في النصوص المذكورة في السؤال.

الثاني: التأويل بمعنى صرف الكلام عن معناه الظاهر المتبادر منه إلى معنى خفي بعيد لقرينة، وهذا المعنى هو المصطلح عليه عند علماء الكلام وأصول الفقه، وليس متحققا في النصوص المذكورة في السؤال، فإن ظاهرها مراد لم تصرف عنه؛ لأنه حق، كما سيأتي شرحه في المعنى الأخير للتأويل.

الثالث: التأويل بمعنى التفسير، وهو شرح معنى الكلام بما يدل عليه ظاهره ويبادر إلى ذهن سامعه الخبير بلغة العرب وهو المقصود هنا، فإن جملة «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» ليس ظاهرها أن الحجر صفة لله، وأنه يمينه حتى يصرف عنه، بل معناه الظاهر منه أنه كيمينه، بدليل بقية الأثر وهو جملة: «فمن صافحه فكأنما صافح الله، ومن قبله فكأنما قبل يمين الله»، فمن ضم أول الأثر إلى آخره تبين له أن ظاهره مراد لم يصرف عنه وأنه حق، وهذا ما يقوله أئمة السلف كالإمام أحمد وغيره


(١) سورة يوسف الآية ١٠٠