للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: أنت طالق وطالق وطالق فتطلق ثلاثا، أو أنت طالق طلقة مع طلقة أو معها طلقة فتطلق طلقتين.

(تنبيه آخر) جميع ما سبق من وقوع عدد الطلاق بتكرار صيغته مبني على القول بأن الطلاق الثلاث يقع ثلاثا والثنتين يقع طلقتين، أما على القول الراجح بأن الطلاق المكررة صيغته لا يقع إلا واحدة سواء كان بحرف عطف أو بدونه فالأمر ظاهر أننا لا نحتاج إلى التقاسيم والأحوال السابقة. فإذا قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق فطلقة واحدة رجعية، سواء كانت مدخولا بها أم غير مدخول بها، وسواء نوى التأكيد أو التأسيس وسواء كان بحرف عطف أم بدونه، لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان الطلاق الثلاث على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فلما كان عمر قال: " أرى الناس قد تتابعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم (١)» رواه مسلم. وفي المسند عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «طلق ركانة امرأته في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا قال: فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كيف طلقتها؟ " قال: طلقتها ثلاثا، قال: " في مجلس واحد؟ " قال: نعم. قال: " فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت " قال: فأرجعها (٢)».

وهذا القول اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذكرها قال شيخنا عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - في كتابه (المختارات الجلية) ص٦٨: ورجح الشيخ تقي الدين أن الطلاق لا يقع إلا واحدة بجميع ألفاظ الطلاق ولو صرح بلفظ الثلاث أو البينونة أو البتة أو غيرها، وأنه لا تقع الثانية إلا بعد رجعة صحيحة، ونصر هذا القول بوجوه كثيرة جدا من وقف على كلامه فيها لم يسعه مخالفة هذا القول لقوته ورجحانه وكثرة أدلته وضعف ما قابله. اهـ.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


(١) صحيح مسلم الطلاق (١٤٧٢)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٦)، سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٩).
(٢) سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٦).