للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمراد بها الصحيح لغيره، لأن الحديث الحسن لذاته يتقوى بالشواهد والمتابعات إلى الصحيح لغيره والله أعلم.

قال الحافظ ابن حجر: (وقد اعترض على المصنف -أي البخاري - لكونه لم يفتتح الكتاب بخطبة تنبئ عن مقصوده بالحمد والشهادة امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع (١)»، وقوله: «كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء (٢)» أخرجهما أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والجواب عن الثاني: أن الحديثين ليسا على شرطه، بل في كل منهما مقال) ثم قال: (سلمنا صلاحيتهما للحجة، لكن ليس فيهما أن ذلك يتعين بالنطق والكتابة معا، فلعله حمد وتشهد نطقا عند وضع الكتاب، ولم يكتب ذلك اقتصارا على البسملة؛ لأن القدر الذي يجمع الأمور الثلاثة ذكر الله، وقد حصل بها، ويؤيده أن أول شيء نزل من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (٣) فطريق التأسي به الافتتاح بالبسملة والاقتصار عليها) (٤).

ويؤيده أيضا وقوع كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وكتبه في القضايا مفتتحة بالتسمية دون حمدلة وغيرها، مما سيأتي في حديث أبي سفيان في قصة هرقل، وكما سيأتي في حديث البراء في قصة سهيل بن عمرو في صلح الحديبية، وغير ذلك من الأحاديث) (٥).

ثم قال الحافظ ابن حجر: (وهكذا كان يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) سنن أبو داود الأدب (٤٨٤٠)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٩٤).
(٢) سيأتي تخريجه بعد قليل إن شاء الله تعالى.
(٣) سورة العلق الآية ١
(٤) انظر فتح الباري (١/ ٨).
(٥) انظر فتح الباري (١/ ٨).