للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأكيال ضرورية لقيام العدل بين الناس، وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل الكيل والميزان: إنكم قد وليتم أمرين هلكت فيهما الأمم السالفة قبلكم (١)» قال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح (٢).

وقد عرف المسلمون في صدر الإسلام عددا من المكاييل والموازين منها ما يختص بهم ومنها ما أخذوه من الأمم المجاورة، ومن أشهر الأوزان المتعارفة بينهم الدرهم والدينار، فقد كانا معروفين في العصر النبوي يتعامل بهما الناس، بدليل ذكرهما في القرآن الكريم، ولا يعقل أن يخاطب الشارع الأمة بما لا تعقله ولا تدرك معناه أو تعرفه، فمن ذلك قوله تعالى متحدثا عن أهل الكتاب:. . . . . {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (٣)، وقوله تعالى في سورة يوسف: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} (٤) كما ذكرت الأحاديث النبوية الدرهم والدينار في أحاديث متعددة ومن أشهرها الحديث النبوي:. . . «منعت العراق قفيزها ودرهمها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم (٥)» وقد فهم المستشرق - ولها وزن - من الحديث عكس معناه تماما عندما ظن أن الحديث يعني استحالة توحيد العملة الإسلامية، وعودة أقطار الإسلام إلى انفصالها القديم، بينما الراجح في معنى الحديث والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما لم يكن وهو في علم الله كائن بأن هذه البلاد ستدخل في الإسلام فتمنع بإسلامها ما يوظف عليها من الخراج والجزية (٦).


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢١٧).
(٢) الإيضاح والتبيان، ص (٤٦)، تحقيق د. محمد فاروق
(٣) سورة آل عمران الآية ٧٥
(٤) سورة يوسف الآية ٢٠
(٥) رواه مسلم وأبو داود.
(٦) النظم الإسلامية، ص٤١٠، د. صبحي الصالح.