للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيمة حسابية وصلت إليها علاقة الذهب بالفضة في سلم علاقات هذين المعدنين في التجارة الدولية منذ أقدم العصور، فالنسبة تعبر عن القيمة التبادلية لسعر صرف أحد المعدنين بالآخر، فمنطقتنا هذه - الشرق الأوسط - كانت منذ أقدم العصور تنقسم إلى منطقتين تجاريتين:

الأولى: بلاد ما بين النهرين وما يتبعهما من أقاليم فارس، وكانت تعتمد على الفضة في نقدها ومبادلاتها بمعنى أن الفضة هي قاعدتها النقدية.

الثانية: بلاد الشام ومصر وأوربا وهي التي تتبع الرومان اقتصاديا، وكانت قاعدتها النقدية هي الذهب، وكانت كل منطقة من هذه المناطق تدعم نقدها خلال تعاملها مع المنطقة الأخرى، وكان سعر صرف أحد النقدين بالنسبة للآخر يختلف متأثرا بموازين التجارة العالمية، ففي مرحلة ما كانت النسبة بين النقدين ١/ ١٠ ثم صارت ٢ - ٣ - ٤/ ١٠ حتى وصلت إلى النسبة ٧/ ١٠، وشاعت هذه النسبة في بلاد العرب بعد أن انتشرت عندهم البطالة (١)، وظلت كذلك حتى ظهر الإسلام فأقرها في أوزان سك النقود حيث كانت عرفا لتجار مكة.

وهذا التعليل الثاني يقبله المنطق الاقتصادي أكثر من سابقه، وإذا صح التعليل بأن النسبة كانت سعر صرف أحد النقدين بالآخر، فهل تعتبر هذه النسبة الشرعية حكما لا محيد عنه في المستقبل، والذي يبدو لي والله أعلم أن الحديث لا يلزمنا بهذه النسبة كحكم شرعي، وإنما هي واقع عاشه مجتمع المسلمين الأول، ويمكن سك النقود المستقبلية بحسب اختلاف سعر الصرف، ولنا على ذلك دليلان:

الدليل الأول: أن عمر رضي الله عنه ضرب الدراهم بوزن ستة دوانق


(١) مقال د. خاروف، مجلة البحث العلمي لجامعة أم القرى ص٤٣٨، العدد الرابع.