للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالوزن فهم فيه حجة، أما أهل المدينة فمزارعون يتعاملون بالوسق والصاع والمد فهم فيها أدق وأضبط. وكان الحديث توجيها للأمة إلى توحيد مكاييلها وموازينها وسائر المقاييس والمعايير لتستقيم معاملات الناس، وكان المفترض أن تقتدي بلاد الإسلام بقبلتها الأولى (مكة) في موازينها، وأن تكون الأوزان موحدة في كل البلاد الإسلامية، فكان من الواجب أن نحفظ نماذج صحيحة من الصاع والمد والدرهم والدينار، وتبقى محفوظة مختومة يلزم الولاة والقضاة وأهل الحسبة باتخاذها معيارا للتبادل، لكن واقع الأمر أن هذه المعايير اختلفت، فالرطل شامي وبغدادي ومصري ومديني، والدرهم (١٢ - ١٤ - ١٥ - ١٦) قيراطا، مما جعل بعض فقهاء الحنفية يقولون: (يفتى في كل بلد بوزنهم)، وهو ما يراه ابن حبيب الأندلسي (أن أهل كل بلد يتعاملون بدراهمهم) (١).

المرحلة الثانية:

إذا كان الحديث النبوي السابق يرسي الأساس النظري لتوحيد المكاييل والموازين، فإن الخطوة العملية قد اتخذها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والمنطق التاريخي يؤكد أن عمر توصل إلى تحديد الوزن الموحد للدرهم بعد اتساع رقعة الفتح وحاجته إلى تقدير الخراج، وقد رجح ذلك دائرة المعارف الإسلامية والفيومي في المصباح المنير وابن خلدون في المقدمة والماوردي في الأحكام السلطانية والبلاذري في فتوح البلدان. فقد نظر عمر رضي الله عنه في الدراهم الفارسية المختلفة الأوزان، فوجدها كما يلي (٢٠ - ١٢ - ١٠) قيراط، فمجموع أوزانها ٤٢ قيراطا، وبقسمتها على ٣ فالمتوسط ١٤ قيراطا من قراريط المثقال، ونسبة ١٤/ ٢٠ = ٧/ ١٠، وهي


(١) فقه الزكاة، للقرضاوي ١/ ٢٥٥.